کد مطلب:240897 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:216

الامام النار علی الیفاع
فی روایة الشیخ المطولة عن عبدالعزیز بن مسلم عن الرضا علیه السلام قال فیها:

«الإمام الماء العذب علی الظمأ، و الدال علی الهدی، و المنجی من الردی، الإمام النار علی الیفاع...». [1] .

«الإمام الماء العذب علی الظمأ» تحدثنا عنه [2] «و الدال علی الهدی» بالدلالة القولیة و هی جمیع كلماتهم الصادرة عنهم علیهم السلام فإنها دالة علی الهدی و كل خیر و الدلالة العلمیة، و قد جاء عن الصادق علیه السلام أنه قال: «كونوا دعاة إلی أنفسكم بغیر ألسنتكم، و كونوا زینا و لاتكونوا شینا»، [3] و الدلالة الذاتیة و هی نفوسهم التی صاغها الله تعالی من معدن اللطف، و جوهر القدس و من نور جماله الذاتی جل جلاله قال الأزری:



لك نفس من معدن اللطف صیغت

جعل الله كل نفس فداها



الأبیات [4] .

إذا ثبتت فضیلة لأحدهم علیهم السلام ثبتت لسائر المعصومین إلا الخصائص فیشترك كلهم علیهم السلام فی الفضائل المحمدیة كما فی الحدیث «أولنا محمد و أوسطنا محمد و آخرنا محمد» [5] .

«و المنجی من الردی» إذا أخذ العباد بججزتهم و ساروا علی نهجهم نجوا من المهالك كلها فإنهم الثقل الأصغر و القرآن الكریم هو الثقل الأكبر لن یفترقا حتی یردا علی النبی الحوض كما فی حدیث الثقلین المتفق علی نقله الفریقان. [6] .



[ صفحه 93]



قوله علیه السلام: «الإمام النار علی الیفاع» من التمثیلات الرفیعة و منها المثل السائر: (كالنار علی المنار)، [7] قال الطریحی: المنار بفتح المیم: علم الطریق، و الموضع المرتفع الذی یوقد فی أعلاه النار. و فی حدیث وصف الأئمة: «جعلتهم أعلاما لعبادك، و منارا فی بلادك»: أی هداة یهتدی بهم، و مثله فی وصف الإمام «یرفع له فی كل بلدة منار ینظر منه إلی أعمال العباد» [8] و ذوالمنار ملك من ملوك الیمن واسمه أبرهة بن الحرث الرائش، و إنما قیل له ذوالمنار؛ لأنه أول من ضرب المنار علی طریقه فی مغازیه لیهتدی لها إذا رجع، [9] و فی شرح «و المنار منصوبة» [10] لابن أبی الحدید: المنارة تنصب فی الفلاة لیهتدی بها. [11] .

نعود إلی ما كنا فیه

قال الطریحی: فی الحدیث: «الإمام النار علی الیفاع» أی یضی ء للقریب و البعید، و الیفاع: ما ارتفع من الأرض، و الیفاع: ما ارتفع من كل شی ء، [12] و من الأمثال: «أوقد ناره علی الیفاع». [13] .

یرید بالحدیث حدیثنا الجاری، و النار هی اللهیب الذی یبدو للحاسة و قد بینا أنواعها نقلا عن الزبیدی عند التكلم عن المثل: «الحار لمن إصطلی به»، و لاتجعل النار علی المكان المرتفع إلا لیراها التائه فی اللیل حتی یجد الطریق فلا یضل و لابد أن تكون النار مما یدوم سراج أو قندیل أو أی شی ء یبقی و لایطفأ و قد جاء فی زیارة الإمام الحسین علیه السلام: «و أشهد أنك نور الله الذی لم یطفأ و لایطفأ أبدا، و أنك وجه الله الذی لم یهلك و لایهلك أبدا». [14] .

و هذه خصیصة المعصوم علیه السلام فلئن كانت المعالم المنصوبة و النار الموضوعة عن الأماكن العالیة لیهتدی بها التائهون فی اللیل فإن الأئمة الهداة هم الأعلام التی نصبهم الله فی اللیل و النهار لیهتدی بهم العباد فی كل البلاد و كل مكان و زمان؛ رحمة منه تعالی علیهم لاتمحی معالمهم و لاتطفأ أنوارهم و نارهم الموضوعة علی أرجاء



[ صفحه 94]



المعمورة و هم أعمدة الأنوار لمن أراد الانتهاج فی سبل السلام المفضیة به إلی الجنة و النجاة من عذاب جهنم، و السعادة الأبدیة و لایظن الظان أن النجاة تحصل من غیرهم ذلك ظنه الذی أراده و نبذه الی الوراء.

و هم الفلك الجاریة فی اللجج الغامرة یمن من ركبها و یغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، و المتأخر عنهم زاهق و اللازم لهم لاحق و هم الكهف الحصین و غیاث المضطر المستكین و ملجأ الهاربین و عصمة المعتصمین و هم غوث العباد و نور البلاد و هم أهل بیت الرحمة و العفو و الإحسان عیبة علم الله و أبواب معرفته و حلاله و حرامه و جمیع أحكامه خصهم الله بذلك من بین الناس فعصمهم من الذنوب و طهرهم من العیوب «عباد مكرمون لایسبقونه بالقول و هم بأمره یعلمون» [15] المعنیون بقوله تعالی: «و جعلنهم أئمة یهدون بأمرنا و أوحینا إلیهم فعل الخیرات و إقام الصلوة و إیتاء الزكوة و كانوا لنا عبدین». [16] .

و لاینافی نزوله فی الأنبیاء ففی الباقری: «یعنی الأئمة من ولد فاطمه...». [17] .



[ صفحه 95]




[1] أصول الكافي 200:1.

[2] حرف الهمزة مع الميم.

[3] الوسائل 56:1.

[4] الكشكول للبحراني 421:3.

[5] مصابيح الأنوار 399:2.

[6] حديث الثقلين العبقات 511 - 1/1، جامع أحاديث الشيعة 20:1 المقدمة.

[7] مشهور.

[8] البحار 133:26.

[9] مجمع البحرين في (نور).

[10] النهج 373:6 من الخطبة 86.

[11] شرح النهج 375:6.

[12] مجمع البحرين في (يفع).

[13] تاج العروس 566:5.

[14] مفاتيح الجنان 443 زيارته (ع) ليلة النصف من شعبان.

[15] الأنبياء: 27.

[16] الأنبياء: 73.

[17] تفسير البرهان 66:3.

و فيه روايات اخري منها رواية جابر الأنصاري فانظرها و لاتغفل.